كتاب د.عبدالرحمن الشقير: الأديان والجماعات الدينية في نجد حتى ظهور الدعوة السلفية

 


هذا الكتاب؛ عنوانُه أكبر من مضمونه، إذ هو عبارة عن كُتيب صغير، تكلم مؤلفه في 83 صفحة عن وجود الأديان والجماعات الدينية في نجد قبل دعوة الشيخ ودراسة قيم التسامح والتطرف في ما سماه نظرية الأمن الاجتماعي.

 

لم يتجاوز المؤلف الكريم الإشارات اليسيرة عن مرور بعض النساطرة النصارى من الحيرة إلى اليمن مرورًا باليمامة والأفلاج التي أشار إليها جواد علي في المفصل في تاريخ العرب، وكذلك الإشارة إلى وجود المجوسية في نجد وجودًا طارئًا حيث جاؤوا لاستخراج المعادن الموجودة في نجد.

وأما أخبار نجد بعد الإسلام فلم يُحسن المؤلف سياق المعلومات المتوفرة والمتضافرة في المصادر، واكتفى بإشارات يسيرة إلى بعض فرق الخوارج، وبالتالي لم تظهر الثمرة في دعوى دراسة قيم التسامح من عدمه كما هو في العنوان.

ومع محاولة المؤلف الفاضل أن يقف موقفًا وسطًا من دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأن الدعوة تضررت من إساءة الفهم لها، إلا أنه خرج بأحكام غريبة، قد غابت عنه مسائل وأحوال كثيرة قررها الشيخ عقديًا وفكريًا، هو ومن كان معه من أهل العلم.

من هذه النتائج الغريبة : أن تكفير الشيخ تكفير توحيد لا تكفير إسلام! وأن الشرك عند الشيخ هو الاستغاثة بالقبور فقط! وأنّ الشيخ يقبل التصوف المعتدل ويرفض التصوف الفلسفي! وأنّ التشدد والتكفير مقبول في أول الدعوة من أجل قيام الدولة ! وأن مواطن الشرك في نجد هي في ستة مواضع فقط ! وأن ابن غنام لم يحرر مفهوم الشرك ! وغيرها.

ومما ظهر به المؤلف مظهر التناقض أنه حاول - كما يحاول غيره - فصل تاريخ الدولة عن تاريخ الدعوة، في الوقت الذي يصف الاتفاق التاريخي بأنه شيء واحد وأن توسع الدولة أساسه محاربة الشرك، وأن المبايعين والداخلين من الناس والبلدات هو إعلان الدخول في الدعوة، لدرجة استشهاده بمقولة المؤرخ منير العجلاني بأن الدعوة هي دستور الدولة !

 

ليس في الكتاب تلك القيمة التي يتطلع لها القارئ من خلال عنوان الكتاب من حيث وجود معلومات وافية عن هذه الجماعات الدينية، حيث لم يُحسن المؤلف في جمع المعلومات عنها، فالكتاب  أشبه ما يكون بالمقال الطويل.

 

يُحسب للمؤلف الكريم في هذا الكتاب - الذي فقد فيه بوصلة الأفكار- أنه لم يقف مع منكري وجود الشرك والحالة الجاهلية الموجودة في نجد قبل دعوة الشيخ. لكن غابت عنه أشياء كثيرة عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

 

24/ 1/ 1442هـ